ميزة الإمام البخاري وفضله في إخراجه لحديث الولي
فأولاً: أن اللفظ الذي ذكره هنا غير اللفظ الذي ذكره الشيخ هنا؛ فهناك اختلاف يسير في الجمل والعبارات، ثم بعد أن ذكر نصه ولم يذكر آخره في جامع العلوم والحكم قال: هذا الحديث تفرد بإخراجه البخاري دون بقية أصحاب الكتب، والمقصود بتفرد البخاري تفرده بإخراجه بهذا اللفظ من هذا الطريق، وإلا فقد رواه غيره كما سيأتي، لكنه تفرد بهذا اللفظ من طريق أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، فجزى الله الإمام البخاري خير الجزاء؛ فإن هذا الحديث يعدل الدنيا كلها، بل هو أعظم، فلو لم يخرجه البخاري رحمه الله لكان كثير من الناس يطعنون أو يشككون فيه؛ لأن أكثر طرقه فيه كلام، لكن لما رواه الإمام البخاري -وهو المعروف بتحريه ودقته- كسبنا هذا المكسب العظيم، فأصبح من أحاديث الصحيحين المتفق عليها، وعلى تلقيها بالقبول بين الأمة.ولهذا نجد أن الإمام الشوكاني رحمه الله لم يطل الكلام في هذا الموضوع، فأطال الكلام في كل شيء إلا مسألة طرق الحديث، وثبوت الحديث، فلم يفصلها أبداً وأجملها، وقال: بما أن هذا الحديث من أحاديث الصحيحين ، وقد أجمعت الأمة على تلقيها بالقبول؛ فإن كل رواته قد جازوا القنطرة، وارتفع عنهم القيل والقال، وصاروا أكبر من أن يتكلم فيهم بكلام، أو يتناولهم طعن طاعن، أو توهين موهنإذاً: فلا يحتاج بحث، فما دام أن البخاري رحمه الله تعالى قد رواه، وأصبح في الصحيح ، وتلقته الأمة بالقبول؛ فكل رواته قد جازوا القنطرة، وهذا القول الذي قاله الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى قد نبه عليه كثير من العلماء كالحافظ ابن الصلاح وغيره في كتب المصطلح؛ فيما يتعلق برواة الصحيحين ، أو على الأقل في الأحاديث، فليس كل ما رواه خالد بن مخلد القطواني مثلاً -كما سنأتي على ذكره هنا- مقبولاً، لكن المقصود: أن هذا الحديث لا كلام لأحدٍ فيه بعد أن أورده الإمام البخاري ؛ على قول هذه الطائفة من العلماء.وأما إذا أخذنا بقول من قال: إنها تنتقد؛ كما فعل الإمام الدارقطني ، و ابن عدي وغيرهما رحمة الله عليهما؛ ممن نقدوا الحديث؛ فنقول: إن الطرق الكثيرة التي سنذكرها -إن شاء الله تعالى الآن- تدل على ثبوت الحديث ولله الحمد.